بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله جعل الإسلام دين الحق و أظهره على الدين كله ، و الصلاة و السلام على نبي هذه الأمة ، سيدنا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم و سار على نهج هدايتهم ، و بعد : -
فإن حياة الرسول صلى الله عليه و سلم كانت مليئة بالمواقف الحيوية التي كانت بمثابة مدرسة عليا لنا نحن المسلمين ، و من هذه المواقف نأخذ الدروس النبوية منه عليه الصلاة و السلام ، سواء أكانت في ظاهرة في حينها أم لم تكن ظاهرة ....
و نحن متعبدون بالأخذ بسنته صلوات الله و سلامه عليه ، بدليل قول الله تعالى : (( و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا )) و الأمر هنا للوجوب
كما أن سنة النبي صلى الله عليه و سلم إما أن تأتي مفصلة لمجمل القرآن ، أو مخصصة لعامة ، أو معممة لخاصة
و من هذه المواقف النبوية التي ننهل من معينها الحكمة البالغة ، الموقف الذي نزلت فيه سورة الإخلاص ..
و للوقوف على أهم ما يمكن أن نتعلمه من موقفه صلوات الله و سلامه عليه ، فإننا سنأخذ جولة في موضوع سبب نزول هذه السورة العظيمة الكريمة الحكيمة ...
روي أن سعيد بن جبير قال : ( أتى رهط من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقالوا : يا محمد ، هذا الله خلق الخلق ، فمن خلق الله ؟ قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى انتقع لونه ، ثم ساورهم غضبا لربه . قال : فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه ، فقال : خفض عليك يا محمد ، و جاءه من الله بجواب ما سألوه عنه : " قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد و لم يولد ، و لم يكن له كفوا أحد " سورة الإخلاص
قال فلما تلاها عليهم ، قالوا : فصف لنا يا محمد كيف خلقه ؟ كيف ذراعه ؟ كيف عضده ؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد من غضبه الأول ، و ساورهم ، فأتاه جبريل عليه السلام ، فقال له مثل ما قال له أول مرة ، و جاءه من الله تعالى بجواب ما سألوه ، بقول الله تعالى : " و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه سبحانه و تعالى عما يشركون " سورة الزمر / 67
صحيح مسلم / كتاب التفسير
********
قال ابن هشام في السيرة : الصمد الذي يصمد إليه ، و يفزع إليه .
قالت هند بنت معبد بن نضلة تبكي عمرو بن مسعود ، و خالد بن نضلة ، عمّيها الأسديين ، و هما اللذان قتل النعمان بن المنذر اللخمي ، و بنى الغريين اللذين بالكوفة عليهما :
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد .. بعمروا بن مسعود و بالسيد الصمد
و الصمد من أسماء الله الحسنى ، و معناه لغةً ، الصمد أي القصد و صمدت إليه إذا قصدته ، و الصمد هو السيد المطاع ، كما أن الصمد عند أهل اللغة له وجهان ، اولهما : بمعنى اسم مفعول أي مقصود و هو الذي يصمد إليه ، و ثانيهما : هو الشئ الأصم الذي لا جوف له ، كالحجر إذا ضربته فإنه لا يعطيك صوت فهو أصم ...
و حتى لا نخرج عن لب موضوعنا ، فإننا نستنتج من حادثة نزول هذه السورة الكريمة عدة دروس نبوية كريمة ، و هنا لن أضيف لكم شيئا ، فقط سأترك الأمر لتفاعلكم مع الدروس التي نتعلمها من هذه القصة النبوية